في تحدٍ بارز لسياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وللبيت الأبيض الذي هدد باستخدام «فيتو» رئاسي، أقر مجلس الشيوخ الأمريكي قرارين ضد السعودية, الأول يقضي بوقف الدعم العسكري الأمريكي للعدوان السعودي على اليمن, والثاني يحمّل ولي عهد النظام السعودي محمد بن سلمان مسؤولية قتل الصحفي جمال خاشقجي. وذلك في تصويت تاريخي يعكس غضب المشرّعين الأمريكيين من دعم ترامب لابن سلمان رغم مطالب «الكونغرس» بمحاسبة السعودية والحد من سياسة التغطية والمحاباة التي ينتهجها ترامب.
صحيح أن تصويت «الشيوخ» بالأغلبية على قرار وقف دعم تحالف العدوان, يعد أول إجراء من نوعه يؤيد فيه أي من مجلسي «الكونغرس» سحب قوات أمريكية من المشاركة في عمل عسكري أجنبي وفقاً لقانون سلطات الحرب, والحد من قدرة الرئيس على مشاركة القوات الأمريكية دون موافقة «الكونغرس», إلا أن قرار «الشيوخ» سيكون عليه اجتياز عقبات أخرى حتى يصبح قانوناً إذ يتطلب تصويتاً مماثلاً في مجلس النواب وأن يصدّق ترامب عليه, وهو أمر مستبعد بسبب تعهد البيت الأبيض باستخدام «فيتو» رئاسي ضد أي مقترح لوقف الدعم الأمريكي لتحالف العدوان.
وفيما يرى بعض القانونيين الأمريكيين أن القرار خطوة إيجابية للجم ترامب وتصويب السياسة الأمريكية, يؤكد البعض الآخر أن هناك ثغرات في القرار قد لا توقف العدوان على اليمن بل ستطيل من أمده, وأهم تلك الثغرات أن مشروع القرار نص على وقف دعم الأنشطة العدائية للسعودية, ومن المعروف للجميع أن مصطلح الأنشطة العدائية فضفاض ولا يوجد له تعريف في «الكونغرس» ما يعني أنه قابل للتأويل والالتفاف عليه لإطالة أمد العدوان.
ناهيك أن مشروع القرار لا يشمل التفويض الذي أقر عام 2001 والذي يسمح لواشنطن باستخدام القوة خارجياً كما في اليمن وأفغانستان ضد من تراهم يشكلون «تهديداً لأمنها القومي», وعليه فإن القرار يزيد من فرص تشريع القتل الذي تمارسه واشنطن عبر ضرباتها المزعومة ضد الإرهابيين والتي تنتهي بضحايا مدنيين.
رغم رمزية القرار وضبابية مصيره, إلا أنه استطاع أن يوحّد أغلبية المشرّعين من «ديمقراطيين» و«جمهوريين» على توجيه رسالة توبيخ صارمة لترامب وحليفه السعودي، مفادها أن «الكونغرس» لن يقبل من اليوم فصاعداً أن يسير وفق أهواء ترامب, كما لن يكون جزءاً من مغامرات النظام السعودي, بل سيواصل الضغط لاتخاذ المزيد من الإجراءات الصارمة، وأولها وقف مبيعات الأسلحة وسن تشريع لفرض عقوبات على السعودية بسبب انتهاكاتها المتواصلة لحقوق الإنسان.
Posted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.