رقصة الشيطان، قلما يتقنها أحد في هذا العالم أكثر من رئيس النظام التركي رجب أردوغان، إذ يجيد سياسة اللعب على الحبال التي أصبحت لب أي تحرك له بأي اتجاه، يظهر للآخرين السلام وهو من أكثر أعدائه، ويوهم بالعمل السياسي وهو من أشد المنقلبين عنه، وتراه حين يتفق مع أي طرف من الأطراف على صيغة معينة، يبدأ حال خروجه من الاجتماع بالمراوغة في التنفيذ إلى أن يتنصل منه نهائياً، وهكذا، فهو لا يترك لأحد مجالاً للإمساك به ما لم يحشره في الزاوية، وما أن يحشر، يسلم بكل شيء من أجل الخروج منها، وإن خرج يعود من جديد للرقص الشيطاني!.
نظام أردوغان، أطلق موجة من التهديدات عبر التلويح بعمل عسكري في منطقة شرق الفرات داخل الأراضي السورية حرضت ردود الفعل نحوها على الصعيد الميداني قبل السياسي، ويبدو أن هذا التأجيج التركي هو عنوان للابتزاز والاستثمار، وتقويض نتائج الجهود التي أثمرت في بعض النقاط على الصعيد السياسي لحل الأزمة في سورية، ليكون هذا التلويح والتحرك التركي بالاتفاق مع أطراف لاتريد للحل السياسي أن ينجح، بداية لنسف الجهود الدبلوماسية وما حققته بما لها من تأثيرات لا تحقق مساعي وأهداف تلك الأطراف.
فإذا كان النظام التركي يريد من تصعيده العسكري «مكافحة الإرهاب وإحلال السلام في شرق الفرات» كما يزعم، وإن كان هذا الادعاء لا يقنع أحداً، لأنه كان في طليعة القوى التي مهدت لدخول التنظيمات الإرهابية إلى سورية عبر أراضيه ومدها بكل أسباب الإجرام والدعم والبقاء لأطول مدة وفسح المجال لها لسفك المزيد من الدم السوري، فإن مايقوم به نظام أردوغان من خلال تصعيده العسكري العدواني ينافي القوانين والقرارات الدولية أولاً، ومايدعيه ثانياً.
على أي حال، ما يراد من التصعيد العسكري التركي العدواني الجديد هو تقويض مخرجات أستانا وسوتشي، واستمرار الفوضى الهدامة والإمساك بخيوط اللعبة، كي لا يتم خسارة كل أوراقهما التي بدأت تحترق، من خلال التوصل لاتفاق تركي– أمريكي بشأن مناطق شرق الفرات ومنبج، وفي حال توصل الجانبان إلى اتفاق يحقق المصالح الاستراتيجية لن يكون أي هجوم وفقاً لمراقبين، لكنها رقصة أردوغان مع الشيطان من جديد!.
waddahessa@gmail.com
Posted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.