مُستلزمات النصر المؤزّر

الحرب التي توقّفت على ظهر الدبابة في معظم المحافظات السورية لم تتوقف في عرض البحر على ظهر الباخرة المحملة بالغاز والقادمة باتجاه الشواطئ السورية، ولم تتوقف على الشاشات كما لم تتوقف على وسائل التواصل الاجتماعي المستمرة بالتقليل من شأن أي عمل حكومي يتم إنجازه مهما علا شأنه، والسؤال: لماذا؟ لماذا علينا أن نقف في وجه عربة الترويكا الثلاثية التي جرّتها خلال الحرب خيول ثلاثة «الجيش ـ الشعب ـ الحكومة»؟ كيف يُعقل لشعب صمد أكثر من سبع سنوات في وجه أعتى حرب أن يستند إلى حائط «فيسبوك» لتصريف غضبه وألمه واحتقانه المعيشي والنفسي والسياسي؟
قبل سنتين من الآن، كان هم المواطن السوري الوحيد هو التخلص من قذائف الهاون وكان مطلبه الأساسي هو عودة الأمن والأمان، تحقق الهدف وأنجز الجيش المهمة، ومن حيث انتهى الجيش، بدأت الحكومة مهمتها بإعادة ما تيسر من خدمات وتأهيل بنى تحتية وإعادة إعمار إلى المناطق المحررة التي بلغت مساحتها ما يعادل ضعفي مساحة لبنان في عام 2018 فقط، من دون أن ننسى أن هذه المساحة شهدت عودة 4,5 ملايين نسمة إلى قراهم، ما يعني زيادة في الطلب والضغط على الموارد وتأمين الخدمات.
عودة الناس إلى قراهم تزامنت مع عودة الحياة إلى مختلف القطاعات، ففي قطاع الزراعة، عاد إلى دائرة الاستثمار الزراعي نحو 879 ألف هكتار موزعة على محافظات الرقة، دير الزور، حلب، حمص، درعا، حماة، في حين تمت زراعة 447 ألف هكتار منها حتى تاريخه، وفي قطاع الصناعة بلغ عدد المنشآت الصناعية التي عادت إلى الإنتاج 65 ألف منشأة موزعة على عدة محافظات، كما أنفقت الحكومة خلال عام 2018 ما يقارب 400 مليار ليرة على تنفيذ مشاريع تنموية توزعت على مختلف القطاعات. في قطاع الكهرباء ارتفع عدد المستفيدين من التيار الكهربائي من 2,8 مليون مشترك عام 2016 إلى 4,2 ملايين مستفيد عام 2019. كل هذا أنجز في عام واحد، لكنه غير كافٍ بنظر الكثيرين، لأنه ممنوع على الشعب السوري الصامد أن يشعر بقيمة ما أنجز، وعلى الحكومة أن تبقى في مرمى نيران الاستهداف وتأليب المواطن الخارج من أزمة حرب والجاهز للشكوى والتذمر.
لم يعد الخلاف اليوم في سورية هو خلاف على منزل تهدم أو شجرة اقتلعت، الخلاف هو على حياة من تبقى، كيف يُكمل من بقي حياته بما تبقى له؟
الجواب هو على لسان فلاح بسيط اخضرّت عروق يديه من زراعة التبغ قال: هذا البلد هو بيتي، وبيتك، وبيت الكل، الجميع يملك صك ملكية به، لي ولك جزء من سقفه وشباكه وجداره، نشكو ونتذمر ونغضب، لكن، يجب ألا ننسى أننا ما زلنا نحمل قلوباً، لا رشاشاً كما أعداؤنا الذين يتربصون بلقمتنا، لا نريد أن نستمر في ربيع المآتم، هذا البلد لنا، لمن تبقى لديه أمل، لبنت لفحها الحب، لأم مرضعة، البلد أكبر وقد حوّلوه إلى جحيم، لا تكونوا شركاء في هذا الصراع، القليل من الصبر فقط .. لقد اقتربنا من بوابة الخروج إلى مضمار السلام والخير والنماء والاستقرار.
إنها ملامح نعرفها جيداً لمجريات ربع الساعة الأخير التي يعرف الآخر المتأبط بنا شرّاً كيف يلعبها، فلنصمد، لأن من صمد قرابة ثماني سنوات، لن يجد مشقّة بالغة في إتمام مستلزمات النصر المبرم.
فلنجترح مبادرات متممة للمبادرات الكثيرة التي اجترحتها حكومتنا باتجاه التغلب على تفاصيل الحرب الأخرى، حرب الحصار والتجويع والإفشال التنموي وما يتصل به من كوارث اقتصادية واجتماعية، ولنصمّ آذاننا عن بؤر إنتاج الطاقة السلبية السامّة التي استعجلت في دواخلنا -نحن المواطنين في هذا البلد الجريح ـ كل نزعات الخروج من المواجهة والتخلّي عن خاصّية الصبر والتحدّي التي كانت أهم روائز بقائنا وانتصارنا.

The post مُستلزمات النصر المؤزّر appeared first on صحيفة تشرين.

Rea more
Posted from صحيفة تشرين
Thank you for reading the مُستلزمات النصر المؤزّر on Syria News Kit If you want to spread this News please include links as Source, and if this News useful please bookmark this page in your web browser, by pressing Ctrl + D on your keyboard button, Or click the share button to place it on your profile.

Latest news:

Note: Only a member of this blog may post a comment.