كلما غادرت المنزل أكتشف أن كل ما أنفقه من حريرات في تكرار ملاحظات حول اعتماد سياسة التوفير والحياة الاقتصادية يمكن تصنيفه ضمن بند النكد اليومي، وأجد أنه ضاع هباء كل ما يمكن أن يتم توفيره عند الالتزام بفكرة عدم ترك صنبور الماء يتدفق بقوة عند أي استخدامات منزلية، وأدعمها بنظرية أن الاستخدام «الخيطي» للماء طريقة حضارية في الحياة، ولكن المشكلة أنني أتجمد دائماً أمام منظر خرطوم ماء يغدق على سيارة «مقرقعة» يفترض أن تمنعها قوانين حماية البيئة من التحرك في الشوارع وبين الناس!
وإن طلب إطفاء الضوء – طبعاً عندما تأتي الكهرباء- أثناء الخروج من المكان لا يعود بالكثير من المنفعة مع الطاقة المهدورة، والإضاءة «المشعشعة» في أغلب الأماكن العامة والوزارات ليلاً ونهاراً بما يكفي لحصولي على ماء ساخن دائم إذا ما استخدمتها في تسخين «القاظان».
وبتداعي الأفكار أشعر بأن طريقتي في عدم الصرف والهدر تشبه طريقة الحكومة في التوفير وضغط النفقات، إذ إن خطة الحكومة دائماً تركز على مكافحة الهدر في الأماكن الأقل جدوى، فمثلاً لتوفير النفقات هناك سياسة تقشف ظهرت مثلاً في العمل على إلغاء سكن الممرضات لأنه كل شهر تصل مصاريفه لأكثر من خمسة ملايين ليرة وهذا لا يجوز! وهناك قرار أيضاً بإلغاء سكن طالبات التمريض، فمن يدرسن التمريض لسن أفضل حالاً من طلاب الجامعات، وهؤلاء لا يتاح لهم السكن أيضاً في المدينة الجامعية غالباً، وتالياً يجب عليهم أن يستأجروا ويدبروا أنفسهم!
وعند تطبيق سياسة الضرائب، يكون العمل على مبدأ «عصفور في اليد ولا عشرة على الشجرة» وطبعاً لن يكون هناك عصفور باليد أكثر من شريحة الموظفين!
لا أحد يعرف لماذا لا تبحث الجهات المعنية عن طرق أكثر جدوى في ضغط النفقات، فما زالت السيارات الحكومية التي تصرف بلا حساب طريقة معتمدة وكأن شيئاً لم يكن، مع أن هناك بعض المسؤولين يملكون عدداً من السيارات لخدمة العائلة وعائلة العائلة وبمخصصات وفيرة على عكس ما يحصل مع حملة التقنين الخاصة بباصات الموظفين أيضاً التي تحسب حركتها بالسنتمترات!
كل طرق ضغط النفقات تعود بنفع ما، ولكن كل النظريات الاقتصادية تشير إلى أن الوجبات الشهية تلك التي تستخدم «هبرات» اللحمة، وليس غيرها.
The post عظام «مشفّاية» appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.