تعتبر الوساطة الدولية أسلوباً من الأساليب البديلة لفض النزاعات، وتوفير ملتقى للأطراف المتنازعة للحوار وتقريب وجهات النظر بمساعدة شخص محايد، وذلك في محاولة للتوصل إلى حل، يقبله أطراف الأزمة أو النزاع.
بمعنى آخر فإن الوساطة الحميدة أو النزيهة، هي عملية تلجأ إليها الأطراف المتنازعة لحل النزاعات أو للخروج من وضع سياسي معقد لا يمكن الاستمرار به، عبر طرف ثالث مقبول ويحظى بموافقتها.
الأمم المتحدة حاولت الاضطلاع بدور للمساعدة بالتوسط في النزاعات بين الدول أو ضمن الدولة الواحدة، لكن عملها هذا ورغم أهميته وما يصرف عليه من مال وجهد لم يكن بالمستوى المرضي، وكانت النتائج ضئيلة ولم ترق إلى ما هو منوط بها أو معلق عليها، وغالباً ما اتهم الوسطاء من قبل فرقاء الأزمة، بالانحياز وجرى إنهاء مهماتهم وتعيين آخرين عوضاً عنهم، ما يؤدي إلى إطالة أمد الأزمة لتكون الدول والشعوب بأمس الحاجة لاختصاره وإنهائه.
التجارب تتحدث عن نفسها من سورية إلى ليبيا إلى اليمن.. إلخ فقلما نجد وسيطاً دولياً يحظى عمله بتأييد ورضا الأطراف التي يتوسط بينها وهذا يطرح سؤالاً إشكالياً.. هل الوسطاء غير محايدين، أم أن بعض أطراف الأزمات يودون الاستحواذ على عمل الوسيط كل على طريقته؟…
لا يتسع الحيز للحديث عن تجارب وساطات أممية ومن أجدر وأعرف منا نحن السوريين في الحديث عن انحياز المبعوثين الدوليين وتدخلهم في شؤون داخلية سيادية؟!…
سنتوقف عند أحدث القصص المتعلقة بعمل الوسطاء الأمميين.. ففي ليبيا اتهم قائد الجيش خليفة حفتر، مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة بأنه تحوَّل من وسيط نزيه وغير متحيز إلى وسيط منحاز بل وذهب حفتر في اتهام سلامة أبعد من هذا بكثير.
في اليمن تبدو الصورة نفسها حيث يتهم المبعوث الخاص، مارتن غريفتس بين الفينة والأخرى بالتواطؤ والانحياز لهذا الفريق أو ذاك…
الأمم المتحدة كمنظمة وأمام هذه الاتهامات وكي لا تسلم بأن الكرة في ملعبها بإرادتها ومع تفهمها قلق وهواجس الأطراف المختلفة، تشدد على أنها لا يمكن أن تنجح لوحدها وسط بيئات دولية مختلفة، فنجاح وسطائها يتطلب وجود منظومة ملائمة للدعم من أجل تزويد المبعوثين بما يلزم من الموظفين المساعدين والمشورة السليمة، وتوافر ما يلزم من موارد لوجستية ومالية لإجراء المحادثات والتواصل مع الأطراف والوقوف على آرائها وتصوراتها، بمعنى أن النجاح والفشل مسؤولية مشتركة…
The post «وسطاء نزيهون» appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.