داخل الصدفة لؤلؤة مضيئة تسكن مع وحدتها في أعماق البحار، فإذا خرجت من عزلتها صارت جوهرة تتباهى بها الرؤوس والأعناق، وفي ألوانها الكثير من الأسرار والحكايا فهي في الأيدي الخيرة شمعة وضاءة تبعث في الحياة سروراً ورغداً في العيش وقد تتناولها الأيدي السوداء فتصير مسرحاً للجريمة والطمع والجشع.
عندما نسجن الشمس داخل كهف مظلم، فلن يستفيد الناس والكون من نورها الذي تكتمل به الحياة، كذلك عندما نغيِّب المثقف الملهم المبدع البارع عن مسرحه وعن أوراقه وقلمه ونضعه أسيراً في غرفة أرشيف أو في قبو معتم ونغلق عليه بالمفتاح… لقد أصبحت العزلة جزءاً من تقاليدنا الجديدة، الكل يدور في صدفته منفرداً تارة يخشى من ظلم الناس له، وتارة أخرى يكون في حال من الملل والسأم لدرجة أنه يخاصم ظله، ومابين ألوان الصواب والخطأ وفوضى المجتمع والصراخ بصوت عال لإسكات الآخرين يختار البعض العزلة حفاظاً على الاحترام والكرامة.
وثمة آخرون محكومون بالعزلة لأنهم يريدون تغيير الواقع ويراهم الفاسدون خطراً يتهدد مصالحهم فيلقون بهم في أماكن لاتليق بهم، ويضيقون عليهم عيشهم، ويحاصرونهم بقدرتهم على التلاعب والتحايل وصنع المكائد إلى أن يقودوهم إلى عزلتهم غير الطوعية.
وهناك في عالم البحر والأصداف قد تتحول حبة الرمل إلى لؤلؤة ويضيء المعتزل السماء بفكر جديد مبدع وبإنجاز يزيح عن البشرية جبلاً من الهم، ومنهم من يصير وراء الزمن وآخرون، يبنون عوالم من الأحلام والأوهام، وقد يخرج البعض الآخر وقد اكتسب حكمة ورشداً.
وماذا تفعل أنت لو خيرت مابين العزلة والطفو على لوح من خشب؟
أما أنا فأختار العيش بين الناس أشاركهم الضحك والبكاء ورغيف الخبز وزراعة الورد وحصد الشوك، إنها رحلة طويلة ولا بأس من محطات للتأمل في هذه الحياة.
The post بكم تشتري العزلة؟ appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.