يصعب علينا تحديد أي الاختراعات أكثر أهميةً لحياة البشر عبر الزمن والعصور، إذ تخيّلوا حياتنا من دون الإبرة، ملقط الغسيل، الكرة الصغيرة في طرف قلم الحبر، الهاتف، بل وحتى «الليدات» التي سبق لي أن شتمت «سنسنفيل» مخترعها وجالبها إلى البلد. هذه الأعاجيب كانت بمقياس النفعيّة «البراغماتية» أي بمعيار الفائدة العمليّة المرجوة منها، قد نقلت الناس من حالٍ سيئة إلى حالٍ مكّنتهم من القول بفخر: إنهم أبناء الحياة والعقل المعجزة.
لكنْ.. ماذا عنّا نحن هنا في هذا الجزء من الكوكب؟ سأحدّثكم اليوم وهنا عن اختراعٍ لا يزال يدور في يومياتنا أسرع من مغزل الحائك بل أسرع من الشائعات التي تتناقلها الجارات العزيزات على قلوب بعضهنّ… إنه يا سادة اختراع «الإكرامية»!.
وهذا اختراع له دفّة توجيه أعظم من دفّة توجيه السفن العملاقة، ولديه مولداته وعزقاته وبراغيه ومَنْ يزيّته ويشحّمه ويسهر على دورانه تقريباً في كل مكنات المؤسسات، وحتى هناك في الشوارع مع «بسكليتات» المراسلين وموتورات «العيون الساهرة» الذين يشرحون ويفسرون لنا أن سبب غضّ عيونهم اللوزيّة عن «خمسميّات المرحبا» إنما هو الأمرّان اللذان يعانونهما في صقيع الشتاء ولهيب الصيف. بل بسبب الأكثر مرارة الذي جبرهم على قبول ما باتوا يسمّونه من باب الفكاهة «هديتك بإيدك»- أي لأنهم يُعدَّوْن موظفينَ مدنيين من حيث الرواتب الممسوخة بينما هم يفعلون فعل الأبطال على أرض الواقع ويومياته القاسية!.
هل أحدّثكم عن اختراعٍ محليّ آخر يسمّى «اختراع قفز الأرنب» من دائرة خدمية إلى أخرى برغم كل ما يقال عن الحكومة الإلكترونية العتيدة؟ أم تحدّثونني عن اختراع باهر يدعى «جمل الطاحونة» إذ يشعر الأخ المواطن مع وجود الاختراعين السابقين كما لو أنه لا يزال في العصور الوسطى ولم يذُقْ من طعم الحداثة إلا المرارة.
The post اختراعات محليّة! appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.