ليس من الصعب الفصل بين التقارير التي تتحدث عن توجّه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إظهار المزيد من الرعونة على المستوى السياسي الداخلي والخارجي بتبني سياسات أكثر عدوانية وإقصائية مع انطلاق حملته الانتخابية الجديدة، وبين مجموعة عوامل دافعة، تتصل بشخصية ترامب، الذي يحاول بلورة خيارات جديدة أكثر تعنتاً لإثبات نفسه أنه (الأقوى والأول في استطلاعات الرأي والأقرب لحماية الاقتصاد الأمريكي)، في ظلّ فشل خياراته السابقة وتدهور شعبيته وتزايد الفضائح التي تلحق به وبفريق إدارته وتضاعف الآراء داخل مجلس النواب وفي الشارع الأمريكي المطالبة بإجراءات عزل ترامب.
ما إن بدأت حملته الانتخابية أمس والتي يطمح من خلالها للفوز بولاية رئاسية جديدة حتى بدأ بإقالة أعضاء في حملته الانتخابية لأنهم وبنظره سربوا معلومات تظهره متراجعاً عن منافسه الديمقراطي نائب الرئيس السابق جو بايدن في عدد من الولايات. واتهم ترامب الفريق المقال المؤلف من ثلاثة أشخاص بالتزوير والفبركة وحتى ذهب إلى اتهامهم باختلاق الأمر برمته.
ما سبق يشير بشكل واضح إلى الحالة الإقصائية التي يتصف بها ترامب والتي بلغت حداً كبيراً خلال النصف الثاني من ولايته الحالية وترافقت مع إقصاء كل من يخالفه من إدارته أو كل من يمتلك رأياً مغايراً لرأيه. وأتى رد فعله على النتائج المسربة أيضاً كحالة استعراضية للقوة والتي يصر ترامب على إظهارها في كل الأوقات, لكن ما جرى مع بداية حملته الانتخابية إشارة إلى استمرار ترامب بقطع الأوصال عن تحالف -سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات- قد يعبّر من خلالهم إلى طموحه في ولاية رئاسية ثانية إضافة إلى إهماله مفاتيح القوة الحقيقية التي تخوله اكتشاف مكامن الضعف والعمل عليها.
دائماً ما تعتبر استطلاعات الرأي التي تجريها حملات المرشحين في الولايات المتحدة مقياساً دقيقاً لما قد تترتب عليه النتائج الانتخابية لاحقاً لأنها تعكس المزاج العام للشارع لكن ترامب وفقاً للتقارير المسربة رفض الإفصاح للعلن عما أظهرته الجلسات الخاصة أي إنه على علم بحقيقة تراجعه عن بايدن لكنه كان يرغب في إبقاء الأمر سراً عن الإعلام والجمهور الانتخابي ما أكده لاحقاً مدير حملته براد بارسكال الذي أوضح أن النتائج كانت بالفعل من استطلاع أجرته الحملة في آذار الماضي.
يأتي ذلك في وقت يتزايد فيه عدد الديمقراطيين المطالبين بالبدء بتحقيقات عزل ترامب بالتزامن مع ارتفاع نسبة الأمريكيين الراغبين بهذا الإجراء أيضاً, حيث تتزايد يوماً بعد يوم كتلة الديمقراطيين المطالبين بعزل ترامب الأمر الذي لا تزال رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي ترفضه خوفاً من انقسامات سياسية لا قدرة لأحد على تحملها وفقاً للصحافة الأمريكية في حين أكدت صحيفة «وول ستريت جورنال» في استطلاع أجرته أن نسبة الأميركيين التي تدعو إلى إجراء استماع للعزل قد قفزت عشر نقاط، إلى 27 في المئة.
The post طريق ترامب الوعرة إلى (الرئاسة الثانية) appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.