فجأة تعطلت الماكينة الإعلامية لتنظيم «داعش» الإرهابي، بعد كل الضخ الإعلامي الإجرامي الذي دأب التنظيم ومن يقف خلفه على بثه بشكل متواتر، إذ كان للتنظيم الإرهابي في ذروة إجرامه نحو 11 مكتباً إعلامياً حول العالم، وعشرات الأفلام المخرجة بشكل «هوليوودي» بالإضافة إلى ضخ عشرات الأخبار يومياً، أرقام كانت في يوم من الأيام واقعاً، إذ عمل بها أعداد كثيرة من إرهابيي الكلمة والصورة، وصنّعوا الآلاف من المنتجات الإعلامية شهرياً.
«داعش» ومن خلال الاستخبارات الإقليمية والدولية المشغلة له امتلك هيكلية تنظيمية إعلامية أدار من خلالها وسائل إعلام تابعة له، ورغم أن البعض قد أطلق عليها اسم «وزارة إعلام داعش»، إلا أنها كيان افتراضي لا مقر لها، وإن كانت توجد بصورة أساسية عبر شبكة «الإنترنت»، وتتمثل وظيفتها في تنظيم ظهور الإرهابيين في وسائل الإعلام.
ركز «داعش» من خلال «بروباغاندا» صادمة، على إبراز (عناصر قوته) بطريقة وحشية وهمجية تستفز المشاعر، عبر مشاهد الإعدامات الجماعية لأشخاص أسری متجمعين على حافة خندق طويل سرعان ما يتحول إلى مدفنهم.
حالياً، التنظيم الإرهابي يعاني بشكل كامل من الانهيار بعد هزيمته في العراق وسورية، لكنه ينشط أحياناً في ليبيا، وفي إفريقيا على يد الجماعات التي أعلنت ولاءها له، وأهمها «بوكو حرام» في نيجيريا وحركة «الشباب» الصومالية الإرهابيتان.
لا شك في أن النجاح في القضاء على تأثير الإرث الإعلامي لتنظيم «داعش» وجميع التنظيمات الإرهابية المتطرفة يتوقف على عدة عوامل، أولها تضافر الجهود فيما بين دول العالم كافة من أجل المواجهة الفكرية، وذلك من خلال تخصيص الموارد الكافية لهذا الغرض، والكفاءات المدربة التي تستطيع التعامل مع مثل هذه الإيديولوجيات والأفكار التكفيرية.
ومع هزائم التنظيم الإرهابي في 2016 و2017 تراجع حضوره الإعلامي، وقُتل أبرز عناصره في هذا المجال، ومن بين الإرهابيين المسؤولين عن إعلام «داعش» ممن تمت تصفيتهم، ما يسمى المتحدث باسم التنظيم الإرهابي أبو محمد العدناني، والإرهابي المدعو علي موسى الشواخ، والإرهابي تركي البنعلي، والمدعو أبو محمد الفرقان الذي كان مهندس معلومات (داعش) ومسؤولاً عن الفيديوهات عالية الجودة التي وثقت عمليات الإعدام الجماعية، وأحمد أبو سمرة، الذي كان مسؤولاً عن الأفلام الوثائقية وإخراج الفيديوهات وعن نشاط «داعش» الإرهابي على مواقع التواصل الاجتماعي.
وانعكست مظاهر ترنح الدعاية الإعلامية انخفاضاً في إنتاج المحتوى الذي يتضمن المجلات والبيانات الإعلامية والنشرات الإذاعية والفيديوهات والصور من حيث الكمية والجودة، وتراجع الحضور، فضلاً عن سيطرة النبرة الدفاعية على إصدارات التنظيم الإرهابي، والتأخر في نشر البيانات الإعلامية وإعلان المسؤولية عن عمليات معينة، إضافة إلى سقطات في الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية، ما لم يحصل سابقاً.
البعض يتساءل: هل القضاء على «داعش» ميدانياً يقضي على هذا المنتج الإعلامي الإجرامي، أم لا تزال هناك حرب أخرى على هذا المحتوى، لا تقل شراسة وضراوة عن حرب الرصاص؟.
The post بعد سقوطه ميدانياً.. «داعش» يتلاشى إعلامياً appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.