لم تذهب الشاعرة باسمة قصّاص بعيداً في الجرأة، وإنما اكتفت بالتلميح في قصائدها ولاسيما في مجموعتها (لولاك) الصادرة مؤخراً عن دار العرّاب في دمشق.. لم تذهب بعيداً في الجرأة التي خوّضت فيها الكثيرات من مُجايليها من الشاعرات، ولا في الابتعاد في قصيدة النثر، وما نشأ عنها من قصائد الومضات، وذلك إيماناً منها أن لكلِّ شاعر أدواته الشعرية وأسلوبه في صياغة قصيدته، ولذلك بقيت تكتب على الحواف من كلِّ اتجاهات القصيدة، فمرةً تستطيب العيش عندما أشار له الخليل بن أحمد الفراهيدي من بحور الشعر، وحيناً تذهب في رحلة قصيرة فيما قال به الشعراء حيناً قبل الخروج من أطر الوزن والقافية، وأقصد (قصيدة التفعيلة) وبحياءٍ شديد تكتب قصيدة النثر..
هذا «الحياءُ» الذي سيجعلها تستهوي التلميح في القصيدة التي لا تخرجُ بعيداً عن واقعية تُخرجها هي من ذاتها تصلُ حد الوجدانيات، ومع ذلك تأتي بالقصيدة المُفعمة رقةً وشغفاً كحالة ترجيع الداخل الذي يهفو لأمرٍ ما، وغالباً ما تأتي القصائد كـ«مسجات» تضعها خُلسةً في سلة الرجل.. قصائد هي أنشودة الروح، وأعذب الشعر هنا؛ كان أكثره عفوية وتلقائية وبساطة.. إذ تبني الشاعرة قصاص صياغاتها الشعرية بطريقة فيها الكثير من الفطرة والرومانسية الواضحة، لدرجة توحي بأنّ رومانسيتها غير مقصودة، وإنما تلك القصائد التي تأتيك كجري السواقي لا قسر فيها ولا افتعال، تقطف مما حولها من معطيات من قمرٍ وليال ونجوم.. طافت فيها مع مقطوعاتها الرشيقة على أجنحة الحنين والتوق واللون والخوف والحضور والغياب والعزلة والانفتاح على الكون، ورائحة الحقول والفراشات والدمع والعشب.. كلّ ذلك بكامل اللهفة وهي تُنشئُ تراكيبها العاطفية لعل «حاء وباء» تجتمعان في الأرض الخراب؛ وعساها تُخصب اليباس الهاجم من كلِّ الجهات.. وفي ديوان الشعر السوري نقرأ لـ باسمة قصاص اليوم:
تسبقُني اللهفةُ إليك
يا أحرفَ العشقِ
أما تعبت؟!
فماذا تقولُ بمعنى
لا حدودَ لهُ
وأنتَ تحصرهُ
في (الحاء والباء)؟
…
غريبٌ بنفسكَ
تُعذبكَ الروحُ..
أزح من فؤادك
صمت الشتات
لعلَّ الدنيا
أغنيات..
…
في مواسم الحنين
ازرعني في دربك
وردةً بين السنابل..
ففي حين من شوقٍ؛
كنت استخلصتك لنفسي
قصيدة..
The post ديوان الشعر السوري appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.