خيراً فعلت معظم الجهات العامة عندما أنشأت صفحات لها على وسائل التواصل الاجتماعي، فهي في حال عملت بشكل مهني لا شك في أنها ستسهم في التعريف بكل ما هو جديد من أعمالها ولاسيما ما يُعنى بشؤون المواطنين خدمياً ومعيشياً، بشكل يطمئن المواطن تجاه شؤون حياته ويدحض الشائعات التي تقلل من الجهود الحكومية المبذولة وتروج لمعلومات مغلوطة ما يشوش المواطن ويزيد قلقه.
الدور مفعم بالفائدة ولا غبار عليه إن كان على هذا المنوال، لكن ما بات يلاحظ أن دور بعض تلك الصفحات يجنح لغايات أخرى اتصفت موضوعاتها بالزي الشخصي مستخدمةً كل أدوات ومساحيق التجميل والتلميع للمديرين بشكل مفرط، محولةً إياهم إلى أبطال خارقين وكأنهم وحدهم من يقومون بالأعمال ولا يوجد من ورائهم جيش من العاملين الذين يلتحفون العراء بحرارته اللاهبة صيفاً وبرده القارص شتاء لتنفيذ الأعمال، وتقديم خدمات في القطاعات المختلفة وعلى مدار الساعة أحياناً.
هذه الحالة من الإسفاف تزداد مبالغة عند دوران أي أحاديث عن تغيير مرتقب قد يطول هذا المدير أو ذاك، فإذا ما خرج المدير إلى الحمام وفي طريق عودته يدخل أحد أقسام المديرية مصادفة يتناوله القائمون على الصفحة على أنه لا يتوانى عن تفقد العاملين وحسن سير العمل، وإن ذهب لإ يصال زوجته في زيارة اجتماعية أو للتسوق وصادف أن ظهرت في وجهه أثناء العودة إحدى ورش الخدمات التابعة لدائرته وتوقف عندها تصوره الصفحة على أنه يعمل يداً بيد مع عماله، وإن استقبل مراجعاً تصوره بأنه يتابع شخصياً شؤون المواطنين عن كثب ويحرص على متابعة مطالبهم على الرغم من أن ذلك وغيره من واجباته ومسؤوليات موقعه الروتينية وليست منّةً منه على أحد، ما يأمله المواطن أن تعرض الصفحات الأعمال والانجازات على الصعيد الخدمي التي تمس بشكل مباشر حياته المعيشية والخدماتية وتهتم بشؤون حياته وليس غيرها، وهو بالتأكيد سيدرك من خلالها نجاح الدوائر والمؤسسات وعلى رأسها المدير العام، عندها فقط يترك السمعة العطرة والبطولات الحقيقية التي من شأنها ترك الأثر الطيب في نفوس الناس، من هنا فإن وضع محددات لنمط النشر في تلك الصفحات يكرس العمل المؤسساتي التشاركي بعيداً عن موضة المشاهد الدعائية والتغني بالمديرين واستعراضاتهم الوهمية لإيهام الناس وبيعهم الهوى فقط.
The post منابر للتلميع appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.