ليس سراً أن إصرار رئيس النظام التركي رجب أردوغان على التدخل في السياسات النقدية تعمّق حالة الإرباك الاقتصادي الذي تعيشه تركيا على وقع الانحدار الجديد في قيمة الليرة التركية، لتفاقم بذلك الأعباء على الاقتصاد التركي المتأزم والذي يحاول أردوغان عبثاً إيهام من حوله بأنه في وضع جيّد وأن كل التقارير الغربية التي تتحدث عن وضع سيئ تدخل ضمن مؤامرة خارجية تستهدف تقويض الاستقرار والنمو في تركيا.
ليس جديداً علينا ما يقوله أردوغان, فقد اعتاد القفز على مسببات الركود الاقتصادي مختزلاً الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي أدت إلى انهيار الليرة إلى الحديث عن مؤامرة خارجية وهو الخطاب الذي دأب عليه في السنوات الأخيرة كلما تعرض لانتكاسة سياسية كانت أم اقتصادية وذلك في محاولة لتبرير فشله وسقطاته, وهي مبررات لا تجد صدى في الشارع التركي الذي لفظ شعبية أردوغان.
منذ حصول أردوغان على صلاحيات واسعة في الانتخابات الرئاسية عام 2018 ليصبح صانع القرار الاقتصادي الوحيد في تركيا, وهو يضاعف التحدي أمام كل ما يواجه سلطته، فقد خاض أردوغان معركة شرسة لخفض نسبة الفائدة، معتبراً أن نسبة الفائدة المرتفعة تسببت بارتفاع معدل التضخم، في حين أكدت مؤشرات اقتصادية وسياسية أن التدخل المفرط في السياسات النقدية يدفع تركيا إلى ركود اقتصادي أعمق, وأن نظريات أردوغان مخالفة للقواعد الاقتصادية كافة.
الكل متفق على أن تدخلات أردوغان الخاطئة تهدد النظرة المستقبلية لليرة المحاصرة, فضلاً عن أنها ساهمت في إيجاد بيئة من عدم اليقين ومخاوف من نزعة استبدادية تستهدف تطويع جميع المؤسسات المالية بما فيها المصرف المركزي, إذ أصبحت سياسات أردوغان الاقتصادية في مجملها طاردة للاستثمارات رغم البيانات الرسمية البرّاقة التي تحاول أن ترسم صورة وردية مغايرة للصورة القاتمة للوضع الاقتصادي, وقد اتضحت هشاشة الاقتصاد التركي أمام تحولات معنويات المستثمرين الذين يتسابقون لبيع الليرة ما أدى لانهيار مفاجئ أفقدها 10% مقابل الدولار.
وعليه, فإن «تكتيكات» أردوغان تلحق أكبر الأضرار بالاقتصاد التركي، وإذا استمر في تعزيز قبضته ومضاعفة الرهان بشأن الاقتصاد، فإن الأتراك سيعانون أكثر من تدهور الحالة الاقتصادية وسينعون قريباً القوة الشرائية. واقع الحال الذي لن ينتظر طويلاً حتى يحمل العواقب الاقتصادية والسياسية الوخيمة إلى داخل قصر أردوغان.
The post انهيار الليرة سيجرف أردوغان appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.