محكمة.. محكمة..

ما أتفق على منحها صفة الثوابت الأخلاقية، متهمة بالتخلي عن حضورها في المعاصرة، هذه التهمة تجدد الخلاف بين الأجيال، لتغدو بشكل دائم ساحة ساخنة للصراع قبل أن يتم النطق بالحكم ؟!!…
الأحكام غير القابلة للاستئناف، قادرة بقسوتها أن تجعل من طرفي الخصام معادلة اجتماعية تُسيّد نتائجها القانون بين البشر، حتى في حال كان هناك انحياز لطرف من دون الآخر!!…
القوانين لن تخرج عن كونها عقداً لاتفاق أخلاقي أُتفق على سيادة قيمه في مجتمع ما، ضمن فترة زمنية معينة، وهذا يعطيه الحق المطلق بأن يكون مبرماً داخل التاريخ المدون في أسفل أوراقه فقط، مثلما يعطيه حق المطالبة بارتقاء مواده تماشياً مع الجديد الذي يطرأ على المجتمعات بشكل قسري أو عفوي، ليبقى محتفظاً بتاجه الملكي عبر العصور، وهذا هو الأس الخفي الذي يجعل ساحات الصراع بين الأجيال ساخنة بانتظار النطق بالحكم القابل لأن يكون ثابتاً عند إبرامه، لكنه يحمل على الدوام بذرة التحول المنطلقة أبداً من الثوابت الأخلاقية للمجتمع… الأس الخفي الآخر الذي يقف حجر عثرة أمام القاضي المطالب بأن يكون حكمه غير قابل للاستئناف، هو أن المدعي الأعنف بالقضية، يعترف -جهلاً أو عمداً- وبشكل غير مباشر، بموت تفاصيل الأخلاقيات القديمة التي كانت تحكمه، ويتنكر -جازماً- للولادات الجديدة التي جاءت من رحم تلك الثوابت التي يدعي الانتماء إليها، وإن غيابها، أي غياب الثوابت الأخلاقية التقليدية، مرتبط بمؤامرة تطول هويته القومية، لا بل تسعى إلى تغييبه بالكامل، بمعنى آخر؛ إن المدعي الأعنف بالقضية يرفض – بالمطلق – قانون الطبيعة المبني على الموت والولادة، ويرفض انتساب الأبناء إلى الأجداد المورثين لجينات التطور التي تناسب البيئة الطبيعة الملائمة لعملية الاستمرار والارتقاء بالجنس البشري من الناحية الفيزيولوجية، والأخلاقية ،على حد سواء إذا ما أخذنا بالحسبان أن تناول الأطعمة، وتوزيع الجهد على أعضاء الجسم .. إلخ من المعطيات المساهمة في تكوّن البنية الفيزيولوجية، تدخل ضمن المعطى الثقافي المكون للأخلاقيات المعاصرة، والتي لا بد من أن تنتج حكماً قطعياً يتناسب مع تلك البيئة الحاضنة لمرحلة زمنية ما بكل تفاصيلها، ليبقى القانون الوضعي والطبيعي في مأمن من خطر ارتباك الهوية القومية، وتخلفها عن مستجدات الحاضر.

The post محكمة.. محكمة.. appeared first on صحيفة تشرين.

Rea more
Posted from صحيفة تشرين
Thank you for reading the محكمة.. محكمة.. on Syria News Kit If you want to spread this News please include links as Source, and if this News useful please bookmark this page in your web browser, by pressing Ctrl + D on your keyboard button, Or click the share button to place it on your profile.

Latest news:

Note: Only a member of this blog may post a comment.