لا يشبه مَرسم الفنان أسامة دياب، الشكل المعروف لمحترفَات الفنانين وورشاتهم الخاصة، فمنذ فتح أبوابه لاستقبال الراغبين بتعلّم الرسم، كانت «الشراكة» توصيفاً ليومياته بصحبة من يمكن تسميتهم «الطلاب»، يومها كان مدرِّباً في مركز تربوي تابع لوزارة التربية، أراد تشجيع طلابه فأقام لهم معرضاً، لم يكن بإمكانهم التعاطي معه كحدث بسيط، فلاحقوا مدربهم إلى مرسمه الخاص.
هناك اتخذ الإصرار على المتابعة في مشوار الرسم، تحديّاً فعليّاً بالنسبة لـ30 شاباً وفتاة، كانوا يتساءلون: «هل يمكن أن نقدّم نتاجاً جميلاً، وهل يمكن لأعمالنا أن تُعرض مجدداً أمام الناس؟»، كان هذا دافعاً لمزيد من البحث والتدريب حتى استطاع كل متدرِّب تقديم خمس تقنيات للعمل: «فحم، باستيل، زيتي، مائي، حبر صيني»، إضافة إلى خبرة تتعلق بحرفية الفنان الناضج والمالك لأدواته.
كان دياب سعيداً بإقبال طلابه ورغبتهم في إضافة شيء من الجدّة إلى ما هو قائم فنياً، فكان معرضهم الأول «خطوة 1»، ثم جاء «خطوة 2/ ياسمين ملون»، يليه «خطوة 3/ بوح الياسمين»، المقام مؤخراً في المركز الثقافي في أبو رمانة. يقول دياب: لطالما تبدّلت الوجوه خلال المعارض الثلاثة حتى إن المشاركات في المعرض الأخير اقتصرت على الطالبات مصادفة لكن ما يجعلني متمسكاً دائماً بطلابي هو أعمارهم المتفاوتة من 14 عاماً حتى 55 عاماً، وجميعهم لديه حالة جميلة من الفطرية وإصرار لافت على الاستمرارية والتطور، كل هذا يجعلني حريصاً على تقديمهم للجمهور والوسط التشكيلي السوري.
اهتمام دياب بتعليم الرسم للطلاب ليس أمراً جديداً بين الفنانين السوريين، لكنه لم يعد وارداً منذ سنوات حيث اعتاد الراغبون بالتعلّم الالتحاق بكلية الفنون الجميلة أو أحد المعاهد الخاصة الشهيرة، فما الذي يقدمه الرجل مقارنة بما تقدمه هذه الجهات المدعومة بالأسماء والتجارب؟، يجيبنا التشكيلي: لديّ أدواتي الخاصة كأي فنان، وعندما يرسم الطلاب إلى جانبي فهم يتأثرون لونياً بما أستخدمه، ولا شك في أنهم يلاحظون ريشتي و«تكنيك» لوحتي، بالطبع بعضهم سيقلّد أستاذه لكن يُفترض أنهم يتأثرون ويتعلمون ويقدمون ما لديهم من دون أن ننسى بأن أسباباً عدّة من بينها التفاوت الثقافي البصري ستؤدي إلى مستويات مختلفة وبصمات منوعة فطرية وأكاديمية واحترافية، يمكن ملاحظتها فيما بينهم في «خطوة 3» حيث قدّم المشاركون تجارب أقرب للاحترافية مما سبق.
إحدى المشاركات «رزان الكيلاني» التقت دياب في مركز ثقافي، كان يُجري الاستعدادات للمعرض الأول، أعجبتها الفكرة، وتمنّت لو تساهم مع الطلاب في تقديم لوحات مميزة، فكانت البداية التي أوصلتها إلى «خطوة 3»، تشرح الكيلاني بأن المعارض الثلاثة شهدت تطوراً في طريقة العمل ومواضيعه، ولأن الرسم هوايتها وفسحتها للهروب من متاعب الحياة، حاولت في مشاركتها لفت الانتباه إلى أن الحلم لم يغادر خيالات المرأة السورية وهواجسها برغم كل ما تعيشه من حزن وفقدان، لذا أضافت «ورق الذهب» و«الدامسكو» إلى لوحتيها، وأكثرت من الألوان الخمري والبرتقالي والبني، رفضاً للسكون أو فقدان الرغبة بأيام أفضل.
بعيداً عن الشخوص الإنسانية، اختارت «ديانا النظامي» وعمرها 19 عاماً، تقديم عمل عن الزخارف العربية بالحبر الصيني، وعلى حد وصفها فإن هذا النوع من الرسم قابل للتطور بشكل كبير، ومن شأنه أن يفتح آفاقاً أمامها في المستقبل، في حين ذهبت «سلام الأحمد» نحو ثنائية لوجه أنثوي، ضمنته شيئاً من الزينة في غطاء الرأس، استعانت به أيضاً كامتداد لأنثى أخرى، تبدو ساهمة بالرغم مما تستند إليه من ألوان وخطوط، لعلّها تجارب ومغامرات عاشتها، من دون أن تغيّر شيئاً من نظرتها للواقع حولها، أما «لجين الملحم» فرسمت لقاء بين رجل وسيدة، قريباً من بحر ما، في انتظار لتغيير قادم، ينتظره الجميع في أوقاتنا هذه، وننتظره كذلك من مجموعة خطوة بكل ما لديها من رغبات وإمكانات.
تصوير: يوسف بدوي
The post «خطوة 3» لطالبات الفنان أسامة دياب.. أمزجة منوّعة وتجارب أقرب للاحترافية appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.