«الناس على دين ملوكهم» فكيف إذا كانوا من حزبه ومن وزرائه المقربين وخازن صندوقه الأسود.. فقد خانت الدبلوماسية هذه المرة وزير خارجية تركيا «مولود شاووش أوغلو» ونطق كلمة صادقة، سواء كانت بقصد أو من دون قصد، وإن كنت أميل إلى أنه تقصدها للتحضير لاستدارة جديدة وفق مبدأ «التنمية والعدالة».. المهم كانت مخالفة للسياسة التركية التي تعتمد المراوغة والكذب، فقد قال بما لا يدعو للشك «إن شراء بلاده أنظمة صواريخ (إس 400) الروسية لا يعني أن أنقرة تريد الابتعاد عن «ناتو» بل ستبقى شريكاً مخلصاً له».. بل كان أخطر ما باح به أوغلو أن تركيا اضطرت للجوء إلى روسيا، لأن عرضها أرخص.. إلى هنا، قد يقول قائل: هذا موقف رمادي للعثمانيين الجدد، ولكن تسريبة أوغلو، وهو الذي لا ينطق من عقله وإنما يتكلم بلسان سيده أردوغان «موقفنا من أوكرانيا واضح، ولا نوافق، ولا نعترف بضمّ شبه جزيرة القرم من قبل روسيا» وهنا ينطبق على أنقرة المثل القائل «تمسكن حتى تمكّن» وحصل على مبتغاه ولكن هذا لا ينطلي على السياسة الروسية العميقة والهادئة.. ونحن لا نشك في أن أسرار (أس 400) في أمان، ولن يستطيع «ناتو» كشف أسراره ومزاياه بل العكس هو من سوف يفكّك رموز فخر الصناعة الأمريكية «طائرات الشبح».
هذا هو ديدن سياسة أردوغان القائمة على ممارسة الأدوار البغيضة والانتهازية والهرولة نحو مزايا وخدمات السلطة، وقد تعلم كل هذا منذ نعومة أظافره من شيوخة «الإخونجية» ورضع منهم اللعب على كل الحبال، والانقلاب والفتك بالحلفاء والأصدقاء من أجل السلطة وله بجده محمد علي باشا خير مثال «مذبحة القلعة» وآخر ما قام به ولن يكون الأخير فصل صديقه ورفيق دربه وأحد أركان تأسيس حزب «العدالة والتنمية» داوود أوغلو و3 نواب من أركانات حزبه وصفّى قبلهم كبار القادة العسكريين والقضاة وأساتذة الجامعات والصحفيين واستبدلهم بموالين لنظامه.
لم تعد سلوكيات أردوغان خافيةً على أحد، بل بات العالم يعرف ويحفظ شخصيته الزئبقية التي تجيد التقلب والتلون.. ولا عجب لأن مَثَلَهُ الأعلى «ميكافيلي» صاحب نظرية «الغاية تبرر الويسلة»، أي إن المهم هو الوصول إلى الهدف حتى وإن كان عبر الكذب ولكن حبل الكذب قصير.. وحانت ساعة الحساب.
The post استدارات أردوغان appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.