لم تفارق كوابيس المنطقة الآمنة خيال أردوغان منذ بداية الأزمة في سورية ربما لأنه كان شريكاً أساسياً في تخريب حالة الأمان والتي كان ينعم بها الإقليم وخاصة سورية وتركيا، وهو الذي يعلم جيداً أن الأمن الذي كانت تنعم به تركيا منذ مطلع القرن الحالي لم يكن بسبب الطائرة المسيّرة ولا بسبب حرس الحدود ولا بسبب زرع الألغام أو من خلال اتفاق مع أمريكا وإنما كان بسبب اتفاقات متكافئة مع الدولة السورية والتي حققت المزيد من الأمن والأمان لتركيا ولم تعد لألغام الحدود بين البلدين أي وظيفة وتم نزعها بالكامل.
هذا ما عايشه أردوغان ويتجاهله الآن تحت ضغط الكوابيس لأنه يعلم كم من آلاف الإرهابيين قد سهل قدومهم للقتل والتخريب في سورية، ويعلم أيضاً مدى الأخطار التي باتت تهدد بلده وتهدده شخصياً مع اقتراب انتهاء الأزمة وانتصار الجيش العربي السوري على الإرهابيين وعلى داعميهم ومشغليهم، فطبّاخ السمّ لابد أن يذوقه ولابد لمن تحالف مع الإرهابيين من الاكتواء بنار غدرهم، ولهذا نجد رئيس النظام التركي كالمسعور يفتش عن شريك لتحقيق أوهامه، ويعد الآخرين بإعادة مليون لاجئ سوري إلى تلك المنطقة مع أنه يعلم جيداً أن حل مشكلة اللاجئين لديه لن يتم إلا بوقف دعمه للإرهاب والتزامه بتعهداته التي قطعها على نفسه في أستانا وسوتشي وعندها لن يبقى لاجئ واحد في تركيا.
إن أمن تركيا وأمن الملاحة البحرية لا يتحققان بـ«مناطق آمنة» أو غواصات وطائرات وأحلاف عسكرية كما تفعل أمريكا وتركيا، إنما يتحققان باحترام القانون الدولي وبالتعاون الإقليمي وعندها فقط يمكن أن يتخلص أردوغان من كوابيسه وتتخلص الشعوب من الابتزاز الأمريكي الذي تجاوز كل الحدود.
إن منظومة العدوان على سورية وعلى شعوب العالم تحاول تفخيخ الأوضاع الأمنية بالبحار وعلى اليابسة على حدٍ سواء ولهذا نجد هذا الهجوم المسعور على إيران ومطالبتها بالالتزام بالاتفاق النووي ومن قبل أمريكا بالذات مع أن إيران أكثر الملتزمين بالاتفاق وأن أمريكا ضربت عرض الحائط بذاك الاتفاق وانسحبت منه وبهذا المعنى لو أن أمريكا حريصة على الاتفاق النووي وعلى الأمن، والسلم الدوليين لما انسحبت أصلاً من اتفاق وقعته مع دول «الخمسة زائد واحد» واعتمده مجلس الأمن، وبالتالي فإننا نعيد التأكيد على أن كوابيس الأمن والأمان هي التي تؤرق الذين يخلون بالأمن أصلاً ويفعلون كل ما في وسعهم لتمزيق الاتفاقات وتوتير الأوضاع واتهام الآخرين بالجرائم التي لا يتورعون عن ارتكابها.
The post كوابيس أردوغان «الآمنة»! appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.