من دون سابق إنذار ولا تمهيد ولا حتى ذكر أسباب واضحة أو معلنة، أعلن المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات استقالته من منصبه، ليفتح الباب واسعاً أمام سيل من التكهنات حول دوافع هذه الاستقالة المفاجئة, وعما إذا كان بالفعل قد اختار الاستقالة أم جرى دفعه إليها كما حصل مع العديد من كبار المسؤولين الأمريكيين بسبب خلافاتهم المستعصية مع الرئيس دونالد ترامب.
المثير للاستغراب هو أن غرينبلات المعروف بتأييده الشديد لـ «إسرائيل» كمبعوث منحاز وغير نزيه, أعلن استقالته في وقت حساس جداً بالنسبة للكيان الإسرائيلي وخاصة مع بدء العد التنازلي لإجراء انتخابات «الكنيست»، في حين ذهبت تكهنات للربط بين قرار الاستقالة وبين تردد ترامب بالكشف عما يسمى «صفقة القرن», وخاصة أن غرينبلات أظهر غير مرة تململاً حيال التأجيل المتكرر للصفقة التي يعد أحد أبرز عرابيها, والتي تشير جميع الدلائل إلى أنها ولدت ميتة وأن كل المحاولات الأمريكية لإنعاشها وابتزاز الجانب الفلسطيني للقبول بها ستبوء بالفشل، وعليه فإنه من غير المستبعد أن تكون استقالة غرينبلات مرتبطة بهذا الفشل من باب استباقه والتنصل من مسؤوليته.
وفي محاولة للتخفيف من وطأة الاستقالة التي فتحت باب جدل – ليس وقته الآن- سارع المسؤولون الأمريكيون للالتفاف على أي تكهنات بتبرير الاستقالة أنها جاءت بناء على رغبة غرينبلات الذي أكد منذ بدأ عمله عام 2017 أنه يعتزم البقاء في البيت الأبيض لمدة عامين فقط.
ولتبديد أي تكهن يلمّح إلى نشوب خلاف ناعم بين غرينبلات وترامب, سارع الأخير إلى الثناء على عمل غرينبلات معه, «مشيداً» بإخلاصه الشديد لـ «إسرائيل», في اعتراف صريح من قبل ترامب بأن غرينبلات كان يعمل لخدمة مصالح الاحتلال الإسرائيلي مع الحرص على تغييب حقوق الفلسطينيين ومطالبهم, وعليه جاءت «صفقة القرن» التي هندسها غرينبلات إلى جانب جاريد كوشنر لا تتضمن أي إشارة لدولة فلسطينية أو أي إقرار بحق العودة لملايين اللاجئين الفلسطينيين.
ورداً على سجل غرينبلات الحافل بمعاداة الفلسطينيين ومحاباة «الإسرائيليين» والدفاع عن انتهاكاتهم في المحافل الدولية, لم يخف الفلسطينيون «شماتتهم» إثر سماعهم بخبر الاستقالة, مؤكدين أن غرينبلات فعل حسناً عندما قرر الاستقالة التي جاءت بدورها اعترافاً صريحاً بالفشل الأمريكي إزاء محاولات إخضاع الشعب الفلسطيني وابتزازه للموافقة على «صفقة القرن» المحكومة بالفشل منذ البداية.
The post إقرار بالفشل appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.