في عاميتنا نقول: «الكلام ما عليه جُمرك» ولو أن عليه «جُمرك» لكان كلام بعض عربان الجامعة بالقطارة، أو ربما طلبوا مقابلاً أو تعويضاً في كل مرة تحتاج قضية عربية إلى إعلان موقف أو توضيح.
هذا ونحن نتحدث عن الأقوال فقط .. أما الأفعال فهذه نسيناها، ونقصد الأفعال الجيدة المشرِّفة لهم وللأمة، هذه نسيناها، بينما الأفعال الأخرى مستمرة تدميراً وتقويضاً لقوة الأمة ووحدتها.
ولأن «الكلام ما عليه جُمرك» فإن كثيرَهُ كان ولا يزال عن القضية الفلسطينية، وآخره عن القرار الأمريكي «بشرعية» المستوطنات الإسرائيلية.
بيان طويل عريض أصدره عربان الجامعة بعد اجتماعهم الأخير (الإثنين الماضي) رفضاً وتنديداً واحتجاجاً وإدانة وشجباً.. وإلى آخر الديباجة المعروفة، لينفضّ شملهم على اعتبار أنهم أدّوا واجبهم وأكثر، وعلى الفلسطينيين أن يكونوا «شاكرين حامدين».. ولأن كلام هؤلاء العربان «ما بينزل بميزان ولا بقبّان» بلا وزن ولا قيمة فإن القرارات الأمريكية ستتواصل وتتسارع، وفي كل مرة القادم أكبر وأخطر.
بيان العربان لم يُخالف المتوقع، ولكنّ أمرين وردا فيه، ليسا جديدين بقدر ما أن أحدهما مستهجن، والثاني مستفز.. الأول يقول «بإدانة الاغتيالات الإسرائيلية خارج نطاق القانون» وكأن هناك اغتيالات تنفذها «إسرائيل» ضد الفلسطينيين ليست خارجة عن القانون.. والثاني «إبقاء مجلس الجامعة العربية منعقداً بشكل دائم» لمتابعة تطورات القرار الأمريكي، ومواقف الدول منه، والتحركات العربية في الأوساط الأممية والدولية لشرح خطورته وأهدافه.
للوهلة الأولى يبدو جيداً هذا الكلام، لكنه ليس بجديد كلياً، ففي كل مرة صدر قرار أمريكي يسلب الفلسطينيين حقاً من حقوقهم ويقوض ركناً من أركان الدولة الفلسطينية الموعودة، كان يصدر البيان نفسه.. والنتيجة: لا شيء, وبعد فترة نعود إلى قرار أمريكي جديد ليصدر البيان نفسه.. وهكذا، وكأن هذا كل ما هو مطلوب.
ولنفترض أن «هذا المطلوب» هو الذي يقدرون عليه (وهو بالمناسبة مؤثر إذا ما نُفّذ) فهم لا يؤدونه إلا كلاماً فقط ، ويعرفون سلفاً أن أحداً لن يطالبهم بالتنفيذ ولن يحاسبهم على مستوى التنفيذ أو عدم التنفيذ، لأن كل ما يقدرون عليه هو الكلام.. و«الكلام ما عليه جُمرك».
The post «ما عليه جُمرك» appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.