يبدو أن البعض لم تعنِه سنوات المحنة الكارثية التي مررنا بها، ولا يعنيه أين وصلت البشرية في سيرها وسيرورتها الحضارية وأين وصلت في حداثتها وتميّزها!.
وهذا البعض عنده خوفٌ من التغيير، ورهابٌ من الجديد، وعصابٌ من الجَمال، وتصيبُه «كريزة» هلوسة، وتوسوسُ له عفاريتُ التخلّف كلما رأى لوحةً فنية أو عملاً تلوينياً على جدران أيّ مدينة، كأنه لا يدري أنّ للمدن أجساداً كما البشر ويجب أن تكون أنيقةً ونظيفة، وأنّ لها أرواحاً تحزنُ وتبتئسُ. بل إنّ لها ذاكرةً حميمةً تمرضُ وتتعكّر وتفقد فرادتها وأثيريتها كلما خدشها ارتكاسُ هذا البعض نحو عقلياتِ التزمّت وجهنّم الانغلاق.
أفليسَ غريباً أن ينتفض هذا البعض ويسخروا و«يطرشوا» جدران الفيسبوك بكلمات الاستهزاء ضدَ أفعالٍ «يتطوّع» بها رسّامون ورسّامات لتقشير البشاعة عن وجه العاصمة بدلَ أن «يستحوا على دمّهم» ويساعدوهم في «طرش» وتلوين تلك الجدران على الأقل كي يستطيعوا التفاخر أمام أولادهم وأمام عدسات الكاميرا الوطنية والأجنبية أنهم أبناء حضارة عمرها سبعة آلاف سنة!.
كنّا نمشي، أنا وصديقتي، إلى جوار تلك الرسومات «الحروفيّة» والشجراتِ الأربع المنحوتات حديثاً بما كان ينبئُ بأعمال فنية رائعة… لكنها وقفتْ فجأة وهي تتأمل المكانَ كلّه وقالت بطرافةٍ مفاجئة: للأسف إنّ منظر هذه اللوحات وهذه الأعمال الفنيّة وسط هذه الروائح الكريهة والقمامة المتراكمة في الزوايا والمياه الآسنة لنهر بردى في الجوار يشبُه منظر رجلٍ متأنّقٍ يرتدي «جاكيتاً وكرافة» من فوق… لكنه يلبَسُ «شورتاً وشحّاطة نايلون» من تحت… ضحكنا وأكملنا طريقنا ونحن نغنّي للسيد درويش: «اقرأ يا سيّد قفّاعة تيلغراف آخر ساعة»… وأغنياتٍ أخرى لن أبوح لكم بها.
The post يا ويلي على الأناقة! appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.