فضل العيش مع ابنه وأحفاده في «كراج» للسيارات لا تتجاور مساحته الـ 9 أمتار مربعة في مدينة ديرعطية، هذا هو حال المعمر عبدالله الشيحان 120 عاماً الذي لم يستطع البقاء في قريته «هنيدة» في ريف محافظة الرقة جنوب نهر الفرات يوماً واحداً منذ أن وطئ «داعش» أرض المحافظة فترك «الجمل بما حمل» واختار مدينة دير عطية بالقلمون في محافظة ريف دمشق ليكون إلى جانب أحد أبنائه الأربعة وهو الذي بلغ من العمر عتياً.
يتحدث المعمِّر «الشيحان» لــ«تشرين», عن مسيرة حياته الطويلة، متوقفاً عند محطات تاريخية عدة، رغم أميّته وجهله القراءة والكتابة، فهو الذي وطئت أقدام أجداده أرض «الجزيرة السورية» بحثاً عن الزراعة والمراعي حيث بدأ حياته راعياً للأغنام إلى أن جاء الاستصلاح الزراعي الذي استفاد معظم أهالي الجزيرة السورية منه فما كان منه إلا أن ودع رعاية الأغنام وتفرغ للعمل في الزراعة الذي وجد فيها مستقراً له بعدما أضناه العمل في الرعي. ورغم أن المعمِّر «الشيحان» يقضي معظم وقته نائماً أو جالساً بجانب مدفأة الحطب هرباً من شتاء القلمون وزمهريره أو جالساً على الرصيف مع بعض من أحفاده الذين يبلغ عددهم أكثر من 37 حفيداً لأبنائه الأربعة يسامرون الشمس الدافئة بعدما بات يعاني مشكلات في الأذن والعين أفقدته القدرة على السمع وبعض الرؤية, إلا أنه لم يصب بأي من الأمراض التي تصيب كبار السن كالضغط والسكري كما يشرح ابنه الأكبر أحمد الذي تجاوز العقد السادس من عمره.
وكشف الشيحان المعمِّر لــ «تشرين» أسرار عيشه المديد فاختصرها بـ «الاستيقاظ باكراً جداً عند الفجر، لرعاية الأغنام وشرب خليط أعشاب برية مغلية بالماء، من اليانسون والزوبع البري والكينا، مضافاً إليها قرنان من الخروب».
و«الشيحان» المعمِّر، المولود في القرن التاسع عشر، في العام 1900، يفاخر بهمته وقوته وصموده وصبره، ويتحدث عن سر شبابه الدائم قائلاً: «السر هو في الأكل ونوعيته.
«الشيحان» يختلف عن غيره بالنظرة إلى الحياة، والعائلة، ويؤمن أن حظه مع شريكة حياته، التي توفيت قبل سبعين عاماً، فهو يعرف معنى الوفاء والالتزام لهذه الزوجة التي كانت «مثالاً يحتذى به في تربية الأبناء، ومواجهة شظف العيش».
لكن القدر خطفها منه ومن أبنائه، ليجد نفسه وحيداً في مواجهة الحياة. ويروي الشيحان مراحل حاسمة من تاريخ حياته وكيف شارك وهو شاب في معركة ميسلون عام 1920، وكيف كان شاهداً على دحر الاستعمار الفرنسي وتحقيق الجلاء العظيم سنة 1946، وتمنى «شيحان» أن يتحقق جلاء الإرهاب عن سورية كلها ويعود الى حضن قريته في محافظة الرقة.
وقال أحمد الابن الأكبر لـ «المعمِّر»: والدي موسوعة تاريخية شاهدة على العصر، لقد كان ثائراً مدافعاً عن تراب الوطن واشترك في الثورات التي قامت ضد الاحتلال الفرنسي والعثماني لسورية، وكان دائماً يروي لنا بطولات السوريين في المعارك ضد الفرنسيين والعثمانيين وكيف قضوا عليهم.
غادرنا المعمر «شيحان» وابنه الأكبر يرجو كلاً من مدير مكتب الخدمات في مجلس مدينة ديرعطية ورئيس قسم فوج إطفاء ديرعطية، من أجل أن ترأف الجهات المعنية والجمعيات الخيرية والإنسانية بحالهم وتوليهم بعض العناية والرعاية الصحية والإنسانية, وخاصة أنهم يعيشون في «كراج» للسيارات لا تتوافر فيه الشروط الصحية على الإطلاق، فهل مِنْ مغيث؟.
The post يعيش مع أحفاده في «كراج» للسيارات.. appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.