هناك من قلب المثل الشهير «بيناتنا خبز وملح» إلى «بيناتنا ما صنع الحداد»!. ورغم اعتراضنا على الكثير من الأمثال الشعبية التي تسوّق الثقافة المتخلفة مثل «امشِ الحيط الحيط وقول يا رب الستر» و«اللي بيتجوز أمك قلو عمك»، إلا أنها في جوانب أخرى تعدّ خلاصات لتجارب إنسانية قالها أصحابها بعدما طفح بهم الكيل فاختاروا أن «يبقّوا البحصة» كي تكون عبرة للآخرين فلا يتورطون بطبخ «البحص» حتى يكتشفوا أنه لا يؤكل، ولا يقعون في «الجورة» التي وقع فيها غيرهم، لأن المثل يقول أيضاً: «ما متت بس شفت اللي ماتوا قبلي»!.
نعود إلى الخبز والملح وما صنع الحداد، فالقدماء لم يكونوا ليسألوا الضيف عن حاجته قبل ثلاثة أيام من «الطبخ والنفخ وتقديم المشاوي والفراريج أو الشاورما»، وإذا ما حصلت معه عداوة، لم ينسَ هذا الضيف الخبز والملح الذي أكله مع أصدقاء الأمس الذين تحولوا إلى أعداء لسبب أو آخر، فالانقلاب من حالة «الخبز والملح» إلى «ما صنع الحداد» وهو السيف، لم يكن بالأمر السهل بالنسبة لمن لديهم «بَقْوَة» أي بالنسبة لمن لا يذهب المعروف من عندهم بل يبقى طويلاً ولا يفنى تحت أي ظروف أو تبدلات!.
بقي أن نذكر أن أجدادنا الكرام أجادوا عندما حسموا بالقول: «فاقد الشيء لا يعطيه»، وكذلك الأمر في «إذا أكرمت الكريم ملكته وإذا أكرمت اللئيم تمردا» وصولاً إلى وصفهم من يرقع الأشياء التافهة ليجعلها كبيرة بلا جدوى بالقول: «نريد أن نعرف كم جلدة فأرة يمكن أن تصنع فروة؟»، لكنهم في المقابل أخفقوا في أماكن أخرى عندما قالوا: «فخّار يكسر بعضو»، وأيضاً: «اليد اللي ما فيك تكسرها بوسها وادعِ عليها بالكسر»، وكانوا أكثر طرافة عندما تندّروا بالقول: «بدّك تقوّم القتّاية» أو«دنب الكلب أعوج حتى لو حطوه بالقالب»..
ولأن القالب لا يأتي دائماً «غالب»، ختم أجدادنا الكرام بمقولتهم الشهيرة: «من برا رخام ومن جوا سخام».. يا لطيف يا سهااام!.
The post احتفاء بالأجداد appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.