أنت لا تسمعني! تقول ما تريده دفعة واحدة ثم تمضي.. بمرافقة الوفد الكبير الذي تترك له إملاء بقية التفاصيل, لا يهم كم هي براقة تلك الشعارات التي جمعت الدول في الأوساكا (اليابان) وناقشت جدول أعمال «مجموعة العشرين»، لكن المثير حقاً لافتة الانسجام التي تصدرت إعلانات القمة التي أطلقتها على أمل أن تعكس العصر الجديد أو الموسم القادم لتلك الدول!.
عصر «الانسجام الجميل»، شعار يليق بحضارة كتلك التي صنعتها الأمم ذات النزعة الإنسانية والتي منحت الحياة عبر العصور تنوعاً وغنىً ثقافياً جميلاً، لكن صداها في فضاءات الدول الأخرى التي صنعت ثقافات الاستيلاء والسيطرة سيكون شاذاً وغامضاً وأعتقد أن غرف العمليات في تلك الدول بدأت الاستعداد لعمليات تجميل لمصالحها وأهدافها لإرضاء أذواق ناخبيها وليس هنا متسع للخوض في أمور السياسة وإنما فقط محاولة تلمس مستقبل الثقافة العالمي تحت ظل هذا العصر الذي يجعل الانسجام والجمال هدفين له, وقد كانت قبل ذلك بعضاً من ديكورات وإكسسوارات عصور الهيمنة والتسلط على الشعوب.
هل نملك أن نتفاءل بأن اللوحة الجديدة للعالم تتسع لجميع الألوان والنقوش والفنون؟! نحتاج مساحات واسعة من الرمال والبحار والجبال والسهول والغابات وكلما ازداد التنوع وامتزجت ثقافات الدول، ولاسيما تلك التي تنتمي لمناطق عديدة في العالم.
كل شيء في هذه اللوحة يجعلك متحمساً لوضع إمضائك في مكان ما؟! لكن هل من السهولة أن نصدق أن الذئب سيكون صديقاً وفياً للحمل والأرنب؟! هل سنشهد حقاً نهاية سعيدة لترسانات الصناعات النووية وقد تحولت بفعل الانسجام الجميل إلى ألعاب نارية يصفق لها الأولاد الصغار والكبار حين تطلق في الأعياد والأفراح, هل يأتي يوم تنشر فيه زنوبيا روائع ما صنعته وتفرد القوافل المحملة بالكنوز والنفائس على طريق الحرير من دون خشية من اللصوص وقطاع الطرق ؟!
شيء ما في هذا الانسجام يشعرني بالخوف والقلق وليس العيب في عصر الانسجام الجميل لكنه قهر الشعوب من ظلم الظالمين وتسلط الأقوياء على الضعفاء والتنافس على السيطرة على العالم ما يجعل من لوحة الانسجام جرحاً ينزف أحلام مَنْ يشتاق إلى العيش بسلام.
The post عصر «الانسجام الجميل» appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.